بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثالث عشر

(دفع الشبهات المثارة حول حُجية السنة المطهرة (6))

الشبه المثارة حول حجية خبر الواحد، والرد عليها

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:

هناك محاولات لإثارة الشبه حول حجية خبر الواحد، ويقولون بها، ويريدون أن ينتهوا إلى نتيجة: وهي أنه لا يجب العمل بخبر الواحد.

من أقوى ما حاولوا أن يستدلوا به قول الله -تبارك وتعالى-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (الإسراء: 36) وقالوا: إن العمل بخبر الواحد اقتفاء لما ليس لنا به علم، وشهادةٌ وقولٌ بما لا نعلم؛ لأن العمل به موقوف على الظن ...

هؤلاء يصرون على إفادته للظن، ويقولون: قال الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (النجم: 28) وقالوا: قد ذمّ الله -تبارك وتعالى- من اتبع الظن وبيَّن -جل في علاه- أن الظن لا يغني من الحق شيئًا؛ فهم يتبعون دليلًا واهيًا، لا قوة له، لا يفيد في إثبات الحق شيئًا ... هذه شبهة قال بها بعض المعتزلة وقال بها بعض من تبعهم من المحدَثين.

وحاولوا بعد هذه القاعدة أن يستدلوا بأدلة من السنة؛ مثلًا في قصة ذي اليدين، وهي قصة مذكورة في الصحيحين، وذكرها البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان، والصلاة، والصوم، والفرائض، والأحكام ... إلخ، ورواه الإمام مسلم في كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له.

وهذا لفظ مسلم: روى بسنده -رحمه الله تعالى- إلى أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: ((صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إحدى صلاتي العشي -إما الظهر، وإما العصر- فسلم في ركعتين، ثم أتى جذعًا في قبلة المسجد فاستند إليه مغضبًا، وفي القوم أبو بكر وعمر؛ فهابا أن يتكلما، وخرج سرعان الناس قالوا للرسول -صلى الله عليه وسلم-: قصرت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015