المخبرين، ويحصل تارة بصفاتهم -كدينهم وضبطهم- ويحصل تارة بأخبار المخبرين، مع ما ينضم إلى ذلك من القرائن التي تحتف بالخبر؛ ككون كل من المخبرين قد أخبر بمثل ما أخبر به الآخر مع التيقن بعدم تواطؤهم، ويحصل التواتر أحيانًا لسامع ولا يحصل لسامع آخر لفطنة الآخر وذكائه مثلًا، أو لمعرفته بأحوال المخبرين؛ فأهل العلم بالحديث والفقه قد يتواتر عندهم من السنة ما لم يدرك العامة تواتره؛ كوجوب الشفعة ... ونحو ذلك، وفي مثل هذه الحالة يجب على العامة التسليم لأهل الإجماع الذين أجمعوا على صحته.
خلاصة هذه النقاشات -كما رأينا من أقوال العلماء-:
أن التواتر لا يتوقف على العدد فقط؛ وإنما توجد هناك أحيانًا قرائن أخرى قوية تشفع لقلة العدد؛ فتجعل الخبر -مع قلة العدد متواترًا- مثل أن يكون رواته من أهل الورع والصدق والتثبت والثقة، وقد يكثر العدد ولا يتحقق التواتر؛ كأن يكون رواته من أهل البدع، أو يجمعهم هوى معين، أو يخضعون لسلطان قاهر قد يؤثر في خبرهم ... وهكذا؛ فمتى توفر العدد واستحال في العقل بحكم سنة الله تعالى الجارية في الناس أن يتواطأ هؤلاء القوم على الكذب؛ فإن الخبر حينئذ يكون متواترًا.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.