نعم ... المحدثون قبلوا أن يتحمل الكافر؛ لكنهم اشترطوا أن يكون وقت الأداء مسلمًا: عملية الرواية: تحمل وأداء، التحمل: هو أن يأخذ التلميذ الحديث من شيخه بواحد من طرق التحمل المعتمدة عند العلماء، والأداء: هو أن يؤدي الشيخ الحديث إلى تلميذه بواحد من طرق الأداء المعتبرة عند العلماء، وهي ثمانية، وهذا له مبحث خاص في علوم الحديث "مبحث التحمل والأداء".
علماء الحديث اشترطوا وقت الأداء أن يكون المؤدي مسلمًا؛ لأنه ينقل لنا ديننا، ولا نطمئن إلى نقل الدين من غير المسلمين؛ لكنهم قبلوا أن يتحمل الكافر، يعني: لو أن كافرًا سمع الحديث من النبي -صلى الله عليه وسلم- فلن نقبل منه أن يؤدي إلا بعد إسلامه، لن نقبل أن يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وينقل لنا الخبر إلا إذا كان مسلمًا.
ولذلك وُجد في الصحيحين رواة تحملوا وهم كفار من الصحابة ومن غيرهم، وكمثال على ذلك: حديث أبي سفيان المشهور في لقائه مع هرقل، كان ذلك في سنة سبع للهجرة، حينما أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- رسائله إلى الملوك والرؤساء من أهل الأرض يدعوهم إلى الإسلام، وجاءت رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل -وكان بالشام- وسأل عمن يستطيع أن يحدثه عن هذا النبي الذي هو من مكة المكرمة؛ فأخبروه أن أبا سفيان في تجارة بالشام، فاستدعاه والذين معه وسألهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سؤالًا.
هذه القصة وقعت وقت أن كان أبو سفيان كافرًا؛ فإنه لم يسلم إلا بعد فتح مكة في سنة ثمانية؛ لكن أداءه للحديث كان بعد الإسلام؛ ولذلك قبل منه العلماء.
الخلاصة: أن علماء الحديث يشترطون في ناقل الخبر للحديث النبوي خاصة بشكل ضروري أن يكون مسلمًا، بصرف النظر عن كون الحديث متواترًا أو كونه