يشترط للتواتر عدد؛ وإنما العبرة بحصول العلم القطعي؛ فإن رواه جمعٌ غفير ولا يحصل العلم به لا يكون متواترًا، وإن رواه جمع قليل وحصل العلم الضروري به يكون متواترًا ألبتة.
وعلى كلٍّ نستطيع أن نقول: إن الخلاف هنا ليس خطيرًا حقيقة، ولا كبيرًا، الكل يبحث عن عدد يطمئن القلب والعقل إلى صدقهم ... من الممكن لنا ألا نحصره في عدد معين -كما ذهب إليه كثير من محققي الحديث- أو إذا اشترطنا عددًا؛ لعل اختيار السيوطي هو أن يرويه عشرة من الصحابة.
وفي الحقيقة؛ فإن الذي يتتبع عمل العلماء في إحصائهم للحديث المتواتر يكاد يلمح إلى أنه قد استقر اصطلاحهم على هذا الأمر؛ فيُبحث عن التواتر من ناحية الصحابة؛ فإذا وُجد عشرة من الصحابة رووا الحديث وكانت الطرق إليهم صحيحة أو حسنة؛ حُكم على الحديث بأنه متواتر ... كل من جمعوا الأحاديث المتواترة مثل (لقط اللآلئ المتناثرة) ومثل كتاب الكتاني وغيره، كلهم اتبعوا هذه القاعدة: يحسبون العدد من ناحية الصحابة وأحيانًا يخرّجون الأحاديث، يقولون: حديث أبو هريرة مثلًا رواه فلان وهو من أصحاب الكتب ... حديث أنس رواه فلان، إلى أن يكتمل عندهم عشرة من طرق صحيحة أو حسنة يطمئنون إلى التواتر ويذكرونه في كتابهم على أنه من بين الأحاديث المتواترة.
نستطيع أن نقول: تقريبًا هذا هو الذي استقر عليه الاصطلاح، مع ملاحظة أن العدد لا يُبحث عنه في الحلقات التالية للصحابة على الأعم الأغلب؛ باعتبار أن كل صحابي قد روى عنه مجموعة من التابعين، وكل واحد من هؤلاء التابعين قد روى عنه تلامذته ... وهكذا تتواصل الحلقات وتتكاثر بحيث يستحيل أن نحصي العدد بدقة في كل حلقة؛ لكن يطمئنون إلى أنه متى ثبت لدينا أن عشرة من