وأيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أشار إلى أن جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول -يعني: قبلوا هذا الخبر أو عملوا به- يوجب العلم، وأشار إلى ذلك في (مجموع الفتاوى).
نريد أن نقول من هذا الاستعراض الموجز: أن تقسيم التواتر والآحاد لم يكن في أجيال الأمة السابقة؛ وإنما كان المعوّل عندهم على ثبوت عدالة الرواة وضبطهم؛ فمتى اطمأنوا إلى ذلك حكموا على الخبر بالصحة وإن كان حديثًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجب العمل به على ما اصطلحوا عليه من قواعد في هذا، إلى أن جاءت بعض الفرق وأرادت أن تُعمِل العقل في النصوص وأن توجد بعض الشبه لبعض الأدلة التي تعارض ثوابت مذهبهم؛ ابتدعوا هذا التقسيم إلى متواتر وآحاد، واشترطوا شروطًا في الآحاد تفاوتوا فيما بينهم؛ لكن -على كل حال- هذا تاريخ هذا الأمر هو أصبح مبحثًا من مباحث علم المصطلح، وأيضًا يبحث في أصول الفقه، ونحن نتكلم عنه اليوم بهذا الاعتبار: أنه تقسيم للحديث باعتبار عدد الرواة في كل حلقة:
ما هو التواتر وما هو الآحاد في كل من اللغة والاصطلاح:
التواتر في اللغة: مجيء الواحد إثر الواحد بفترة بينهما، وذلك كما ورد في قوله -تبارك وتعالى- في سورة المؤمنون: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} (المؤمنون: 44) أي: متتابعين، رسولًا بعد رسول بينهما فترة، في (القاموس المحيط) مادة: "وَتَر"، يبين أن التواتر: هو مجيء الشيء بعد الشيء بعضه في إثر بعض، وترًا وترًا، أو فردًا فردًا، يعني: من غير فترة بينهما.