حفظه الله تعالى وقد قال تعالى: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} (فاطر: 43) وقال تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} (يونس: 64) فلو جاز أن يكون ما نقله الثقات -الذين افترض الله علينا قبول نقلهم والعمل به والقول بأنه سنة الله وبيان نبيه- يمكن في شيء منه التحويل أو التبديل؛ لكان إخبار الله تعالى بأنه لا يوجد لها تبديل ولا تحويل كذبًا، وهذا لا يجيزه مسلم أصلًا، فصح يقينًا لا شك فيه: أن كل سنة سنها الله -عز وجل- ورسوله، وسنها رسوله -صلى الله عليه وسلم- لأمته لا يمكن في شيء منها تبديل ولا تحويل أبدًا، وهذا يوجب أن نقل الثقات في الدين يُوجب العلم بأنه حق كما هو من عند الله -سبحانه وتعالى-.
انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى.
أيضًا من الأدلة على ذلك، يقول الشيخ عبد الغني عبد الخالق -رحمه الله تعالى- في كتابه القيم (حُجية السنة): كما يثيرها أصحاب الشبهة أن الله -تبارك وتعالى- تكفل بحفظ القرآن دون السنة على زعمهم كما يدل عليه قوله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ولو كانت السنة حجة ودليلًا مثل القرآن، لتكفل الله بحفظها، والجواب، يقول -رحمه الله-: أن الله تعالى قد تكفل بحفظ الشريعة كلها؛ كتابها وسنتها، كما يدل عليه قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (التوبة: 32) ونور الله شرعه ودينُه الذي ارتضاه لعباده، وكلّفهم به، وضمنه مصالحهم، والذي أوحاه إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- من قرآن أو غيره؛ ليهتدوا به إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
وبعد أن بيّن مرجع الضمير في قوله -تبارك وتعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} على الوجه الذي أشرنا إليه عاد وقال -رحمه الله-: ولقد حفظها