ولذلك كان من الضروري أن يكون كل رسول يتحدث بلسان قومه؛ حتى يستطيع أن يتفهم معهم في كل ما يريد أن يوضحه لهم، والذين أوتوا الكتاب أيضًا يبينونه للناس، وأخذ الله الميثاقَ عليهم من ذلك، ولذلك من كتم علمًا أعطاه الله إياه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة، حتى العلماء الذين هم غير الأنبياء عندهم علم وعندهم أفهام؛ لما ورد في كتاب الله -تبارك وتعالى- ومن سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهؤلاء العلماء مِنحة من الله -تبارك وتعالى- لأممهم، رزقهم الله أفهامًا وآتاهم الأدوات العلمية التي في ضوئها يستطيعون أن يفهموا كلام الله -عز وجل- وأن يفهموا أحاديثَ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن يقدموا هذا الفهم للأمة في ضوء قواعد اللغة العربية، وفي ضوء القواعد الشرعية، وفي ضوء قواعد كثيرة اصطلح العلماء على ضرورة وجودها فيمن يتصدى لفهم أدلة الشرع المأخوذة من القرآن الكريم ومن السنة المطهرة.

فإذا كان كل الرسل يبينون لأقوامهم، وإذا كان أولو الكتاب أُخذ عليهم الميثاق ألا يكتموا علمًا علمهم الله إياهم، سواء كان أهل الكتاب من الأمم السابقة أو من أمة الإسلام الذين رزقهم الله أفهامًا في كتاب الله -تبارك وتعالى- وحُذر العلماء من أن يكتموا علمًا تعلموه أو نقلوه عن أسلافهم، وإلا ألجموا بلجام من نار يوم القيامة، أين هذه النصوص كلها من قول الله -تبارك وتعالى-: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}؟ ما حاجتنا للعلماء إذا كان القرآن قد نزل الكتاب تبيانًا لكل شيء؟ وكيف نفهم هذه الآية: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}، {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون}؟

لكن ما العمل مع قوم البدهيات والمسلمات واضحة وقاطعة من خلال الأدلة، ومن خلال عمل الأمة كلها، ومن خلال فهم الأجيال الفاضلة، ومن خلال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015