ماذا بك لكي تلعن ولكي تفرض أحكامًا فيها حلال وفيها حرام؟ قال: وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو موجود في كتاب الله". وقالت المرأة: والله لقد قرأتُ ما بين اللوحين أو ما بين الدفتين فلم أجد، وكأنها تبحث عن هذا النص: "لعن الله أو لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الواشمات والمستوشمات" فلم تجدها في كتاب الله، فقال لها عبد الله بن مسعود: "والله لئن كنت قرأتيه فقد وجدتيه".
نُصِرّ على أن لا نفهم النصوص بعيدًا عن فَهم الصحابة، ويقولون لنا في لججهم ومجادلاتهم: إن هذا عودة بالأمة إلى الخلف. تعبيرات ما أنزل الله بها من سلطان. هؤلاء الصحابة هم حجة علينا في فهمهم؛ لأنهم هم الذين تلقوا عن الأستاذ الأول وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعرفوا الوحي وعرفوا اللغة وعرفوا مدلولاتها، وعاينوا الأحداث، وشاهدوا أسباب النزول، وكل ذلك يُعين على فهم النصوص الشرعية وتحديد المراد منها.
عبد الله بن مسعود الذي يقول: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} يعني: فيه علم كل شيء، ومجاهد يقول: كل حلال وكل حرام، هل فهم عبد الله بن مسعود أن كل شيء مذكور في القرآن الكريم بتفصيلاته؟ لماذا قال للمرأة: "لئن قرأتيه فقد وجدتيه، ألم تقرأي قول الله -تبارك وتعالى-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} " (الحشر: 7) في هذه الإجابة ماذا فعل عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه-؟ وضع هذا الحديث تحت قاعدته الكلية التي وردت في القرآن الكريم في قوله -سبحانه وتعالى-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: 7) هذا يدخل تحته كل حديث قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل ما أمر به وفي كل ما نهى عنه.
إذن مثل هذا هو المراد بتبيان القرآن: القواعد العامة، وضع القرآن الكريم القاعدة في أنه لا بد من طاعة الرسول، ليس في آية الحشر فحسب، بل في كثير من الآيات التي تكلمنا عنها سابقًا، إذًا أصبحت هناك قاعدة كلية قرآنية، وهي