بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع
(دفع الشبهات المثارة حول حُجية السنة (2))
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وأحبابه وأصحابه، وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ ثم أما بعد:
فكنا قد بدأنا في ذكر الشبه التي اعتمد عليها أعداء السنة وقلنا: إنها تنقسم إلى شبه يحاولون أن يأخذوها من القرآن الكريم، وإلى شبه تتعلق بأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وإلى شبه أخرى -سنشير إليها بالتفصيل إن شاء الله، ونحن نرد عليها- وذكرنا بعض الآيات التي اعتمدوا عليها في محاولتهم الابتعاد عن حجية السنة، زاعمين أن هذه الآيات تؤدي إلى ما ذهبوا إليه من إنكار للسنة المطهرة أو لحجيتها، ومن هذه الآيات قول الله -تبارك وتعالى-: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء} (الأنعام: 38).
الشبهة الأولى: حشدوا لها وجمعوا لها آيات كثيرة يتصورون بها أنهم قد أصابوا هدفًا أو حققوا غرضًا وهم يعتسفون التأويل.
على كل حال، لا نريد أن نستطرد مع فهمهم، إنما نبين ضعفَ هذا الفهم، ومخالفته لأفهام الأمة التي التقت على هذا.
هم فهموا من قول الله -تبارك وتعالى-: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء} أنه القرآن؛ يعني المقصود بالكتاب هو القرآن، مجموع الآيات في الحقيقة -التي قبل هذه الآية وبعد هذه الآية- ترد على هذا الفَهم: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء} هناك آيات ذُكر فيها اسم الكتاب -أو كلمة الكتاب- وهي لا تدل على القرآن الكريم، إنما تدل على اللوح المحفوظ؛ يعني المراد بالكتاب في هذه الآية: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} معناها اللوح المحفوظ، سياق الآيات يشعر بهذا. والآيات الأخرى المناظرة أو المماثلة لهذه الآية أيضًا يُعطي الدليل على هذا، من