من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنهما- قال: ((لعن الله الوَاشِمَات والمُسْتَوْشِمَات، والمُتنمّصات))، وفي رواية: ((والنَّامِصَات والمُتَنَمِّصَات، والمتفلِّجات للحسن، المغيرات خلق الله)) قالت له امرأة من الأنصار تُسمى بأم يعقوب: ما هذا؟ وفي رواية: "فقالت امرأة في ذلك" بمعنى: أن المرأة تستغرب من عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- وهو أحد أكابر الصحابة في علمه، وفهمه، وزهده، وورعه، ومن أصحاب الصلة الوثيقة بكتاب الله -تبارك وتعالى، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ومن السابقين للإسلام يقول: ((لقد رأيتني وأنا سادس ستة ما يوجد على الأرض مسلم غيرهم)).
الحديث كأنه في الرواية هذه هو من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكنه في هذه المرة كأن عبد الله هو الذي قال ما نسميه موقوفًا، أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال؛ إذن عبد الله بن مسعود هو الذي يقول. ماذا قال؟ قال: ((لعن الله الواشمات والمستوشمات)) إلى آخر ما ذكرنا، المرأة المسلمة الصالحة الأنصارية خافت عليه أن يشرّع من قبل نفسه فقال -رضي الله تعالى عنه: ((وما لي لا ألعن من لعنه رسوله الله، وهو في كتاب الله))، قالت المرأة: ((والله لقد قرأتُ ما بين اللوحين فما وجدته)) المرأة هنا تبحث في القرآن عن ((لعن الله الواشمات والمستوشمات، ولعن الله النامصات والمتنمصات، ولعن الله المتفلّجات للحسن المغيرات خلق الله)) كأنها تريد هذا النص بذاته في القرآن الكريم، لكن عبد الله قال لها: "والله لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، ألم تقرئي قول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: 7) " هذا داخل تحت هذه الآية، وتحت غيرها من الآيات التي تُوجب طاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فالحديث فوق دلالته على وجوب اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أيضًا قاطع في دلالته على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يُشرّع كما يُشرّع الله تعالى، وعلى المسلمين أن يقولوا: سمعنا وأطعنا.