حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} (الفتح: 17).

قبلها في سورة محمد -صلى الله عليه وسلم- سورة القتال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (محمد: 33)، في سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (الحجرات: 1) ونلفت النظر أيضًا إلى دلالة النداء بوصف الإيمان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بعد أن نادانا الله -تبارك وتعالى- بهذا الوصف ماذا يطلب منا؟ {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} أين مفعول لا تقدموا؟ ينهانا الله أن نقدم ماذا؟ هنا حُذف المفعول للعموم؛ لا تقدموا حبًّا على حبهما، لا تقدموا ولاء على ولائهما، لا تقدموا حكمًا على حكمهما، لا تقدموا طاعة على طاعتهما، لا تقدموا انقيادًا لأحد على الانقياد لهما، لا تقدموا، لا تقدموا، كل ما يمكن أن يتصوره العقل من صور التقديم لأي شيء تتعلق به أهواؤنا أو نفوسنا، أو يدفعنا إليه الحرص على المال، أو المنصب، أو ما شاكل ذلك، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم} (الحجرات: 1).

بل إن القرآن بالأحرى يطلب من المؤمنين ألا ترتفع أصواتهم فوق صوت النبي، وأيضًا ليست بعيدة هذه الآية عن الاستدلال للسنة، الذي مجرَّد أن يرفع صوته مع النبي -صلى الله عليه وسلم؛ سواء كان النبي حيًّا أو ميتًا، فإنما يبوء بوزر عظيم، وقد يتعرض لخطر شديد كما وردت الآية: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} (الحجرات: 2) رفع الصوت فقط قد يؤدِّي إلى أن تحبط الأعمال والعياذ بالله، فما بالك بمن يقدّم حكمًا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015