وبكل حال، فالحكمة كلمة عظيمة، معناها: الدعوة إلى الله بالعلم والبصيرة، والأدلة الواضحة المقنعة الكاشفة للحق، والمبينة له، وهي كلمة مشتركة تطلق على معان كثيرة، تطلق على النبوة، وعلى العلم والفقه في الدين، وعلى العقل، وعلى الورع، وعلى أشياء أخرى، وهي في الأصل كما قال الشوكاني رحمه الله: الأمر الذي يمنع عن السفه، هذه هي الحكمة، والمعنى: أن كل كلمة وكل مقالة تردعك عن السفه، وتزجرك عن الباطل فهي حكمة، وهكذا كل مقال واضح صريح، صحيح في نفسه، فهو حكمة، فالآيات القرآنية أولى بأن تسمى حكمة، وهكذا السنة الصحيحة أولى بأن تسمى حكمة بعد كتاب الله، وقد سماها الله حكمة في كتابه العظيم، كما في قوله جل وعلا: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ، يعني: السنة، وكما في قوله سبحانه: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} .
فالأدلة الواضحة تسمى: حكمة، والكلام الواضح