إننا إذا وقفنا قليلا عند هاتين الآيتين, فإننا نجد أن الآية الأولى تنفي وقوع الارتياب من عاقل على فرض أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ ويكتب ذلك؛ لأن معاني القرآن الكريم ومفاهيم الدعوة آيات بينات في صدور أهل العلم1, وقد جعل الله لها من قبل علامات وبشائر، وهي فيما تدعو إليه إنما تتفق مع مطالب الفطرة وتتلاءم مع العقل السليم. يقول أكثم بن صيفي:
إن الذي يدعو إليه محمد لو لم يكن دينا لكان في أخلاق الناس حسنا2.
وقد استدل هرقل على صدق الدعوة بحال الداعية يقول:
فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله3 وكذلك النجاشي قالها مؤمنا:
إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة4.
وقالتها السيدة خديجة راضية مرضية.
وقالها أبو سفيان رغم أنفه5.
ولهذا يركز القرآن الكريم على أن استيعاب حال الداعية كدليل على صدق النبوة يقول الله تعالى:
{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ،