والإمام الشافعي -رضي الله تعالى عنه- يرفض المنطق اليوناني كمادة ثقافية للعقلية الإسلامية، فيقول:
"ما جهل الناس، ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب، وميلهم إلى لسان أرسططاليس"1.
والترتيب الذي صنعه أرسطو بالمنطق كان منسجما مع لغة اليونان التي تحتاج في مجال البرهان بألفاظها إلى منسق.
أما العربية ففيها من القواعد، وأساليب الشرط والجزاء وأدوات الترتيب والعطف والبيان والتمييز والأخبار ما يحكم الربط بين أجزائها، يحكم الربط في جرس موسيقي سليم، ويحكم الربط في التئام المعنى مؤديا غايته مثمرا نتائجه في صورة أبهى وأدق وأحكم من مقدمات أرسطو التي قد تكون كاذبة المضمون، والتي لا تفي بذاتها -ولو كانت صادقة- بالمقاصد الدينية على حد ما ذهب إليه الإمام الغزالي:
"أنهم يجمعون للبرهان شروطا يعلم أنها تورث اليقين لا محالة".
"لكنهم عند الانتهاء إلى المقاصد الدينية ما أمكنهم الوفاء بتلك الشروط، بل تساهلوا غاية التساهل"2.
فهل بعد هذا يلج داعية مسلم بابا من كتب هؤلاء القوم، سواء في مجال التقعيد الثقافي لفكرة الدعوة أو في مجالها التطبيقي؟