وكذلك في المواهب اللدنية يجعل الرسالة متأخرة على النبوة, فيقول: نبوته عليه الصلاة والسلام كانت متقدمة على إرساله؛ لأن نزول {قُمْ فَأَنْذِرْ} إنما كان بعد النبوة1.
وكان يمكن التسليم بهذا التفسير لو افتتحت السورة بيا أيها النبي قم فأنذر, لكنها لم تفتتح بذلك بل بـ {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} .
والمدثر هو صاحب الرسالة التي يؤمر بتليغها بقوله تعالى: {قُمْ فَأَنْذِرْ} ويدل على ترجيح هذا التفسير أسلوب صاحب المواهب وشارحها, وهو يرى مقالة ورقة، يقول:
إنه -أي ورقة- قال: أبشر فأنا أشهد -أقر وأذعن- أنك الرسول الذي بشر به ابن مريم وأنك على مثل ناموس موسى، وأنك نبي مرسل تأكيد زيادة في تطمينه, وأنك ستؤمر بالجهاد -علم ذلك من الكتب القديمة لتبحره في علم النصرانية- وإن أدرك ذلك لأجاهدن معك. وفي آخر هذا الحديث: فلما توفي, قال -صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيت القيس في الجنة عليه ثياب الحرير؛ لأنه آمن بي وصدقني" , فهذا تصريح منه بتصديقه برسالة محمد -صلى الله عليه وسلم2.
ولكن الذي يؤسف أن الشارح يستدرك على هذا الشرح الطبيعي المتسق مع الذاتية الإسلامية بقوله:
لكن يجوز أنه قاله قبل الرسالة لعلمه بالقرائن3.