ولقد استطاعت التربية الإسلامية عن طريق هذا الوحي في العهد النبوي المضيء ببركة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تروض نفوس العرب على الانقياد لهذا الدين والاعتياد على السلوك، والأخلاق، والعادات، والتقاليد، التي أنشأتها معالم المنهج القرآني فكانت النقلة البعيدة من: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" في جوها الجاهلي.

إلى:

{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} .

وبهذه العبودية التي حققها الرعيل الأول أنشأ القرآن "دولة الإسلام" أعز دولة في الوجود لم يكن لها من مآرب سوى أن تكون العبودية فوق الأرض لله وحده، فلا تسجد الجباه، ولا تخفق القلوب، ولا تقشعر الأبدان، إلا لجلال الله وعظمته وكبريائه، وبذلك فقط تتحقق للإنسانية كلها معاني الكرامة والسعادة في الحياة.

ثم كانت نكسة المسلمين وانزواؤهم عن المنهج القرآني حتى وقفت البشرية اليوم على شفا جرف هار، وذاقت مرارة ضياع الدولة الإسلامية التي كانت تصون -بالعبودية لله- كرامة الإنسان وتضمن له الأمن على ماله وعرضه وحياته كلها.

لقد كانت مأساة إنسانية عامة يوم خسر العالم دولة الإسلام. وإنه ليتذوق اليوم أنواعا شتى من مضاعفات هذه الخسارة.

إن نار الحرب التي تتأجج في كل جانب من جوانب الأرض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015