وَإِن وجد غَيرهم، جَازَت الْإِجَارَة، وَلَهُم الْأُجْرَة، لِأَن إِقَامَة هَذَا الْعَمَل لم يسْتَحق عَلَيْهِم حِينَئِذٍ، فَجَاز أَن يستحقوا الْأُجْرَة بِعَمَل لم يكن مُسْتَحقّا عَلَيْهِم، وَصَارَ هَذَا الْعَمَل بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِم بعينهم بِمَنْزِلَة الْأَعْمَال الْمُبَاحَة، فَصحت إجارتهم.

وَإِذا استفتى عَمَّن حمل دَقِيقًا إِلَى منزله، فاستأجر امْرَأَته ليخبزه هَل يجب الْأجر؟ فَإِن أجَاب بِلَا، أَو بنعم، فقد أَخطَأ.

وَيَنْبَغِي أَن يَقُول: إِن أَرَادَ أَن تخبز للْبيع، فلهَا الْأجر، لِأَن ذَلِك غير مُسْتَحقّ عَلَيْهَا.

وَإِن أَرَادَ لتخبز ليأكلوا مِنْهُ، لَا يجب الْأجر، لِأَن ذَلِك مُسْتَحقّ عَلَيْهَا عَادَة، كَذَا ذكر هُنَا.

قلت لأستاذنا: هَل يجوز أَن يكون هَذَا بِنَاء على مَا اخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْث رَحمَه الله فِي الْمَنْكُوحَة والمعتدة إِذا أَبَت أَن تطبخ وتخبز هَل لَهَا ذَلِك؟ قَالَ: إِن كَانَت لَا تقدر على ذَلِك، أَو كَانَت من الْأَشْرَاف فلهَا ذَلِك، وعَلى الزَّوْج مئونة الْخبز والطبخ، وَإِذا كَانَت تقدر، وَهِي مِمَّن تخْدم نَفسهَا، تجبر على ذَلِك.

هَذَا اخْتِيَار الْفَقِيه أبي اللَّيْث السَّمرقَنْدِي رَحمَه الله.

وَذكر الْخصاف فِي النَّفَقَات: أَن على الزَّوْج أَن يَأْتِي بِمن يطْبخ ويخبز لَهَا، من غير فصل بَين الشَّرِيفَة والوضيعة. وَبِه أَخذ الْفَقِيه أَبُو بكر الْبَلْخِي.

قَالَ أستاذنا رَحمَه الله، لَا بل يَنْبَغِي أَن يكون الْجَواب عِنْد الْكل كَمَا ذكره أَبُو اللَّيْث لِأَن الْخبز بِقدر مَا يَأْكُلُون فِي الْبَيْت مُسْتَحقّ عَلَيْهَا ديانَة، وَإِن لم يسْتَحق عَلَيْهَا حكما، وَذَلِكَ يمْنَع صِحَة الْإِجَارَة، كَمَا لَو اسْتَأْجرهَا لترضع وَلَدهَا مِنْهُ لَا يجوز، وَإِن لم يجب عَلَيْهَا الْإِرْضَاع حكما.

وَإِذا استفتى عَمَّن أعْطى إِلَى الصّباغ ثوبا ليصبغه، فَجحد الصّباغ الثَّوْب، وَحلف ثمَّ جَاءَ بِهِ مصبوغا، هَل لَهُ الْأجر؟ فَإِن أجَاب بِلَا أَو بنعم، فقد أَخطَأ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015