وترتيب الوزراء، أَنهم مهما أمكنهم إصْلَاح أَمر الْملك بالكتب يتجاوبون بالكتب، فَإِن لم يصلح الْأَمر بالمكتب، فبالاحتيال وَالتَّدْبِير، فيجتهدون فِي تأني التَّدْبِير، بإعطال الْأَمْوَال، وبذل الصلات، وَمَتى انهزم عَسْكَر الْملك يَنْبَغِي للوزراء الْعَفو عَن ذنُوب الْجند، وَلم يستعجلوا بِقَتْلِهِم، لِأَنَّهُ قد يُمكن قتل الْأَحْيَاء، وَلَا يُمكن إحْيَاء الْقَتْلَى، فَإِن الرجل يصير رجلا فِي أَرْبَعِينَ سنة، وَمن أَرْبَعِينَ رجلا يصلح رجل لخدمة الْمُلُوك، وَإِن أسر أحد من الْجند، أَو أَخذ من أَصْحَاب الْملك، كَانَ على الْوَزير أَن ينقذه، ويفتديه، وَيُخَلِّصهُ، ويشتريه، ليسمع الْجند بصنيع الْوَزير، فيقوى قُلُوبهم إِذا باشروا حروبهم، وعَلى الْوَزير أَن يحفظ أرزاق الْجند، ويرتب جامكية كل إِنْسَان على قدره، وَأَن يُهَيِّئ الرِّجَال الشجعان بآلات الْحَرْب، وَأَن يخاطبهم بِأَحْسَن الْكَلَام، ويلين للأجناد فِي الْخطاب، ويلطف لَهُم الْجَواب، ويتحمل على فعلهم عَلَيْهِ، فَإِن الْجند قتلوا كثيرا من الوزراء فِي قديم الْأَيَّام، وسالف الأعوام، وَمن سَعَادَة السُّلْطَان، ويمن طالعه، وعلو جده، أَن يَجْعَل الله تَعَالَى لَهُ وزيرا صَالحا، ومشيرا ناصحا، كَمَا قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا أَرَادَ الله - تَعَالَى - بأمير خيرا، قيض لَهُ وزيرا ناصحا، صَادِقا، صبيحا، إِن نسى ذكره، وَإِن اسْتَعَانَ بِهِ أَعَانَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015