ذكر خروج الرسول إلى الطائف

[ذكر خُرُوج الرَّسُول إِلَى الطَّائِف وعودته إِلَى مَكَّة] 1

قَالَ الْفَقِيه أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:

وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفسه فِي تِلْكَ السنين على الْقَبَائِل ليمنعوه، حَتَّى يبلغ رسالات ربه، وَلم يقبله أحد مِنْهُم، وَكلهمْ كَانَ يَقُول لَهُ: قومه أعلم بِهِ، وَكَيف يُصْلِحنَا من أفسد قومه؟ وَكَانَ ذَلِك مِمَّا ذخره اللَّه عز وَجل للْأَنْصَار وَأكْرمهمْ بِهِ. فَلَمَّا مَاتَ أَبُو طَالب اشْتَدَّ الْبلَاء على رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعمد لثقيف رَجَاء أَن يؤووه، فَوجدَ ثَلَاثَة نفر، هم سادة ثَقِيف، وهم إخوةٌ: عَبْدُ2 يَالَيْلَ بْنُ عَمْرٍو، وَحَبِيبُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَسْعُودُ بْن عَمْرٍو، فَعرض عَلَيْهِم نَفسه، وأعلمهم بِمَا لَقِي من قومه، فَقَالَ أحدهم: أَنا أسرق3 ثِيَاب الْكَعْبَة إِن كَانَ اللَّه بَعثك بِشَيْء قطّ، وَقَالَ الآخر: أعجز اللَّه أَن يُرْسل غَيْرك؟ وَقَالَ الثَّالِث: لَا أُكَلِّمك بعد مجلسك هَذَا، لَئِن كنت رَسُول اللَّه لأَنْت أعظم حَقًا من أَن أُكَلِّمك، وَلَئِن كنت تكذب على اللَّه لأَنْت شَرّ من أَن أُكَلِّمك وهزئوا بِهِ. وأفشوا فِي قَومهمْ مَا راجعوه بِهِ، وأقعدوا لَهُ صفّين4، فَلَمَّا مر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَينهمَا5 جعلُوا لَا يرفع رجلا وَلَا يضع رجلا إِلَّا رضخوها6 بحجارة، قد كَانُوا أعدوها، حَتَّى أدموا رجلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فخلص مِنْهُم وَعمد إِلَى حَائِط7 من حوائطهم، فاستظل فِي ظلّ نَخْلَة مِنْهُ، وَهُوَ مكروب تسيل قدماه بالدماء، وَإِذا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015