[و] لَا يدْرِي أَيْن نَاقَته1 فَنزل الْوَحْي بِمَا قَالَ هَذَا الْقَائِل على رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَدَعَا أَصْحَابه، فَأخْبرهُم بقول الْقَائِل، وَأخْبرهمْ أَن اللَّه عز وَجل قد عرفه بِموضع نَاقَته وَأَنَّهَا فِي مَوضِع كَذَا قد تعلق خطامها بشجرة، فابتدروا الْمَكَان الَّذِي وصف عَلَيْهِ السَّلَام، فوجدوها هُنَالك. وَقيل إِن قَائِل ذَلِك القَوْل زيد بْن اللصيت القينقاعي وَكَانَ منافقا، وَقيل إِنَّه تَابَ بعد ذَلِك، وَقيل لم يتب، وَالله أعلم.
وَفِي هَذِه الْغُزَاة ذكرُوا أَن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رأى أَبَا ذَر يمشي فِي نَاحيَة الْعَسْكَر وَحده، فَقَالَ: "يرحم اللَّه أَبَا ذَر يمشي وَحده، وَيَمُوت وَحده، وَيبْعَث وَحده". فَكَانَ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاتَ بالربذة2 وَحده، وَأخرج بعد أَن كفن إِلَى الطَّرِيق يلْتَمس من يُصَلِّي عَلَيْهِ، فصادف إقبال ابْن مَسْعُود من الْكُوفَة فصلى عَلَيْهِ، وَكَانَ مِمَّن سمع هَذَا الحَدِيث، فَحدث بِهِ يَوْمئِذٍ أَيْضا.
وَنزل الْقُرْآن من سُورَة بَرَاءَة وَسورَة الْأَحْزَاب بفضيحة الْمُنَافِقين الَّذين كَانُوا يخذلون الْمُسلمين، وَتَابَ من أُولَئِكَ مخشن3 بْن حمير، ودعا اللَّه أَن يكفر عَنهُ بِشَهَادَة يخفي بهَا مَكَانَهُ، فَقتل يَوْم4 الْيَمَامَة وَلم يُوجد لَهُ أثر.
[بعث5 خَالِد بْن الْوَلِيد إِلَى أكيدر دومة6]
وَبعث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِد بْن الْوَلِيد إِلَى أكيدر بْن عَبْد الْملك صَاحب دومة، وَقَالَ لَهُ: "يَا خَالِد إِنَّك ستجده يصيد الْبَقر". فَأَتَاهُ خَالِد لَيْلًا7 وَقرب من حصنه وَأرْسل اللَّه تَعَالَى بقر الْوَحْش فَأَتَت تحك حَائِط الْقصر بقرونها، فنشط أكيدر ليصيدها. وَخرج فِي اللَّيْل، فَأَخذه خَالِد، وَبعث بِهِ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَفَا عَنهُ النَّبِي