مستخفين1. فانهزمت خُزَاعَة إِلَى الْحرم. فَقَالَ قوم نَوْفَل بْن مُعَاوِيَة لنوفل: يَا نَوْفَل اتَّقِ إلهك وَلَا تستحل الْحرم ودع خُزَاعَة، فَقَالَ: لَا إِلَه لي الْيَوْم، وَالله يَا بني كنَانَة إِنَّكُم لتسرقون فِي الْحرم، أَفلا تدركون فِيهِ ثأركم، فَقتلُوا رجلا من خُزَاعَة يُقَال لَهُ مُنَبّه2 وَدخلت خُزَاعَة دور مَكَّة فِي دَار بديل بْن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ وَدَار مولى لَهُم يُسمى رَافعا. وَكَانَ ذَلِك نقضا للصلح الْوَاقِع يَوْم الْحُدَيْبِيَة.
فَخرج عَمْرو بْن سَالم الْخُزَاعِيّ وَبُدَيْل بْن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ وَقوم من خُزَاعَة، فقدموا على رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستغيثين بِهِ مِمَّا أَصَابَهُم بِهِ بَنو بكر بْن عَبْد مَنَاة وقريش وأنشده عَمْرو بْن سَالم الشّعْر الَّذِي ذكرته فِي بَابه من كتاب3 الصَّحَابَة، فأجابهم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نَصرهم، وَقَالَ: "لَا ينصرني اللَّه إِن لم أنْصر بني كَعْب" ثمَّ نظر إِلَى سَحَابَة، فَقَالَ: "إِنَّهَا لتستهل بنصرتي كَعْبًا" يَعْنِي خُزَاعَة. وَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبديل بْن وَرْقَاء وَمن مَعَه: "إِن أَبَا سُفْيَان سَيَأْتِي ليَشُد العقد وَيزِيد فِي مُدَّة الصُّلْح، وسينصرف بِغَيْر حَاجَة".
وندمت قُرَيْش على مَا فعلت، فَخرج أَبُو سُفْيَان إِلَى الْمَدِينَة ليَشُد4 العقد وَيزِيد فِي الْمدَّة، فلقي بديل بْن وَرْقَاء بعسفان5 فكتمه بديل مَسِيرَهُ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأخْبرهُ أَنه إِنَّمَا سَار بخزاعة على السَّاحِل. فَنَهَضَ أَبُو سُفْيَان حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة، فَدخل على ابْنَته: أم حَبِيبَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي اللَّه عَنْهَا، فَذهب ليقعد على فرَاش رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فطوته6 عَنهُ فَقَالَ: يَا بنية مَا أَدْرِي أرغبت بِي عَن هَذَا الْفراش أم رغبت بِهِ عني؟] قَالَت: بل هُوَ