{وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أحَاط الله بهَا} : فَارس وَالروم وَمَا افتتحوا إِلَى الْيَوْم، وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي ليلى. قَالَ: وَقَوله: {فَتْحًا قَرِيبا} : خَيْبَر.

رَجَعَ الْخَبَر إِلَى ابْن إِسْحَاق، قَالَ: فَلَمَّا خرج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَر دفع رايته، وَكَانَت بَيْضَاء، إِلَى عَليّ بْن أبي طَالب رَضِي اللَّه عَنهُ، وَأخذ طَرِيق الصَّهْبَاء1 إِلَى وَادي الرجيع، فَنزل بَين خَيْبَر وغَطَفَان لِئَلَّا يمدوهم، لِأَنَّهُ بلغه أَن غطفان تُرِيدُ إمداد يهود خَيْبَر. وَلما خَرجُوا لإمدادهم اخْتلفت كلمتهم. وأسمعهم اللَّه عز وَجل حسا من ورائهم وهدا راعهم وأفزعهم فانصرفوا إِلَى دِيَارهمْ، فأقاموا بهَا. وَأَقْبل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أشرف على خَيْبَر مَعَ الْفجْر، وعمالهم غادون بِمساحِيهِمْ وَمَكَاتِلهمْ2. فَلَمَّا رَأَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والجيش نادوا: مُحَمَّد وَالْخَمِيس3 مَعَه. وأدبروا هرابا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّه أكبر خربَتْ خَيْبَر إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين". وتحصنت يهود فِي حصونهم وَكَانَت حصونا كَثِيرَة، فَكَانَ أول حصن افتتحوه حصنا يُسمى "نَاعِمًا" وَعِنْده قتل مَحْمُود بْن مسلمة أَخُو مُحَمَّد بْن مسلمة ألقيت عَلَيْهِ رحى فشدخته، رَحمَه اللَّه، ثمَّ حصنا يدعى "القموص" وَهُوَ حصن بني أبي الْحقيق، وَمن سَبَايَا ذَلِك الْحصن كَانَت صَفِيَّة بنت حييّ بْن أَخطب -وَكَانَت تَحت كنَانَة بْن الرّبيع بْن أبي الْحقيق- أَصَابَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبِنْتَيْ عَم لَهَا، فوهب صَفِيَّة لدحية بْن خَليفَة الْكَلْبِيّ ثمَّ ابتاعها [مِنْهُ] 4 بسبعة أرؤس، ثمَّ أردفها خَلفه، وَألقى عَلَيْهَا رِدَاءَهُ، فَعلم أَصْحَابه أَنه اصطفاها لنَفسِهِ، وَجعلهَا عِنْد أم5 سليم حَتَّى اعْتدت وَأسْلمت، ثمَّ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا، وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا. وَهَذِه مَسْأَلَة اخْتلف الْفُقَهَاء فِيهَا فَمنهمْ من جعل ذَلِك خُصُوصا لَهُ كَمَا خص بالموهوبة، وَمِنْهُم من جعل ذَلِك سنة لمن شَاءَ من أمته.

ثمَّ فتح حصن الصعب6 بْن معَاذ وَلم يكن فِي حصون خَيْبَر أَكثر طَعَاما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015