من بني عَامر بْن لؤَي وَمولى لَهُم. فَأتيَا النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، فأسلمه إِلَيْهِمَا على مَا عقد فِي الصُّلْح. فاحتملاه، فَلَمَّا صَارُوا بِذِي الحليفة1 قَالَ أَبُو بَصِير لأحد الرجلَيْن: أرى سَيْفك هَذَا سَيْفا جيدا فأرنيه، فَلَمَّا أرَاهُ إِيَّاه ضرب [بِهِ] العامري فَقتله وفر الْمولى فَأتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "هَذَا رجل مذعور وَلَقَد أصَاب هَذَا ذعر". فَلَمَّا وصل إِلَيْهِ أخبرهُ بِمَا وَقع. وَقَالَ: غدر بِنَا وبينما هُوَ يكلمهُ إِذْ وصل أَبُو بَصِير، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه قد وفت ذِمَّتك وأطلقني اللَّه عز وَجل، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْلُمِّهِ مِسْعَرَ 2 حَرْبٍ لَو كَانَ لَهُ رجال، أَو قَالَ أَصْحَاب". فَعلم أَبُو بَصِير أَنه سيرده فَخرج حَتَّى أَتَى سيف3 الْبَحْر، موضعا يُقَال لَهُ الْعيص4 من نَاحيَة ذِي الْمَرْوَة على طَرِيق قُرَيْش إِلَى الشَّام، فَجعل يقطع على رفاقهم5.واستضاف إِلَيْهِ قوما من الْمُسلمين الفارين عَن قُرَيْش، مِنْهُم أَبُو جندل بْن سُهَيْل، فَجعلُوا لَا يتركون لقريش عيرًا وَلَا ميرة وَلَا مارا إِلَّا قطعُوا بهم. فَكتبت فِي ذَلِك قُرَيْش إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا نرى أَن تضمهم إِلَيْك إِلَى الْمَدِينَة، فقد آذونا.
وَأنزل اللَّه تَعَالَى بعد ذَلِك الْقُرْآن بِفَسْخ الشَّرْط الْمَذْكُور فِي رد النِّسَاء6، فَمنع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ ردهن، ثمَّ نزلت سُورَة7 بَرَاءَة، فنسخ ذَلِك كُله، ورد على كل ذِي عهد عَهده وَأَن يمهلوا أَرْبَعَة أشهر، وَمن لم يستقم على عَهده لَا يستقام لَهُ. وَهَاجَرت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بْن أبي معيط، فَأتى أَخَوَاهَا: عمَارَة والوليد فِيهَا، ليردوها، فَمنع اللَّه عز وَجل من رد النِّسَاء الْمُؤْمِنَات إِلَى الْكفَّار إِذا امتحن8 فوجدن مؤمنات. وَأخْبر أَن ذَلِك لَا يحل. وَأمر الْمُؤمنِينَ أَيْضا أَن يمسكوا بعصم الكوافر9، وَلَا ينكحوا المشركات، يَعْنِي الوثنيات، حَتَّى يُؤمن.