وجميعهم نَحْو ألف وَأَرْبَعمِائَة، وَقيل ألف وَخَمْسمِائة1.
وسَاق مَعَه الْهَدْي2، وَأحرم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِعُمْرَة3 ليعلم النَّاس أَنه لم يخرج لِحَرْب4 فَلَمَّا بلغ خُرُوجه قُريْشًا خرج جمعهم صَادِّينَ لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْمَسْجِد الْحَرَام وَدخُول مَكَّة وَأَنه إِن قَاتلهم قَاتلُوا دون ذَلِك، وَقدمُوا خَالِد5 بْن الْوَلِيد فِي خيل إِلَى كرَاع6 الغميم، فورد الْخَبَر بذلك إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بعسفان7، فسلك طَرِيقا يخرج مِنْهُ فِي ظُهُورهمْ8 وَخرج إِلَى الْحُدَيْبِيَة من أَسْفَل مَكَّة، وَكَانَ دَلِيله فِيهِ رجلا من أسلم فَلَمَّا بلغ ذَلِك خيل قُرَيْش الَّتِي مَعَ خَالِد جرت إِلَى قُرَيْش تعلمهمْ بذلك.
وَلما وصل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُدَيْبِيَة بَركت نَاقَته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّاس: خَلأَتْ9 خَلأَتْ، فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: "مَا خلأت، وَمَا هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِن حَبسهَا حَابِس 10 الْفِيل عَن مَكَّة، لَا تَدعُونِي قُرَيْش الْيَوْم إِلَى خطة يسألونني فِيهَا صلَة رحم إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا"، ثمَّ نزل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَالك، فَقيل: يَا رَسُول اللَّه لَيْسَ بِهَذَا الْوَادي مَاء، فَأخْرج عَلَيْهِ السَّلَام سَهْما من كِنَانَته، فَأعْطَاهُ رجلا من أَصْحَابه، فَنزل فِي قليب11 من تِلْكَ الْقلب، فغرزه فِي جَوْفه، فَجَاشَ المَاء الرواء12 حَتَّى كفى جَمِيع أهل الْجَيْش. وَقيل إِن الَّذِي نزل بِالسَّهْمِ فِي القليب نَاجِية بْن جُنْدُب بْن عُمَيْر الْأَسْلَمِيّ وَهُوَ سائق بدن13 رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ، وَقيل: نزل بِالسَّهْمِ فِي القليب الْبَراء بْن عَازِب.