لَهُ ونطيع، أَو أَمر تَصنعهُ لنا؟ قَالَ: "بل أَمر أصنعه لكم، وَالله مَا أصنعه إِلَّا لأنني 1 قد رَأَيْت الْعَرَب قد رمتكم عَن قَوس وَاحِدَة". فَقَالَ لَهُ سعد بْن معَاذ: يَا رَسُول اللَّه، وَالله لقد كُنَّا نَحن وَهَؤُلَاء الْقَوْم على الشّرك بِاللَّه وَعبادَة الْأَوْثَان لَا نعْبد اللَّهَ وَلَا نعرفه وَمَا طمعوا قطّ بِأَن ينالوا منا ثَمَرَة إِلَّا بشرَاء أَو قرى2، فحين أكرمنا اللَّه بِالْإِسْلَامِ وهدانا لَهُ وأعزنا بك نعطيهم أَمْوَالنَا، وَالله لَا نعطيهم إِلَّا السَّيْف حَتَّى يحكم اللَّه بَيْننَا وَبينهمْ. فسر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، وَقَالَ لَهُم: "أَنْتُم وَذَاكَ". وَقَالَ لعيينة والْحَارث: "انصرفا، فَلَيْسَ لكم عندنَا إِلَّا السَّيْف". وَتَنَاول الصَّحِيفَة3 وَلَيْسَ فِيهَا شَهَادَة فمحاها.
فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمون على حَالهم وَالْمُشْرِكُونَ يحاصرونهم وَلَا قتال مِنْهُم إِلَّا أَن فوارس من قُرَيْش مِنْهُم عَمْرو بْن عَبْد ود العامري من بني عَامر بْن لؤَي، وَعِكْرِمَة بْن أبي جهل، وهبيرة بْن أبي وهب، وَضِرَار بْن الْخطاب الفِهري وَكَانُوا فرسَان قُرَيْش وشجعانهم أَقبلُوا حَتَّى وقفُوا على الخَنْدَق. فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: إِن هَذِه المكيدة مَا كَانَت الْعَرَب تكيدها4، ثمَّ تيمموا5 مَكَانا ضيقا من الخَنْدَق [فَضربُوا6 خيلهم فَاقْتَحَمت مِنْهُ] وصاروا بَين الخَنْدَق وَبَين سلع. وَخرج عَليّ بْن أبي طَالب رَضِي اللَّه عَنهُ فِي نفر من الْمُسلمين، حَتَّى أخذُوا عَلَيْهِم الثغرة7 الَّتِي اقتحموا مِنْهَا، وَأَقْبَلت الفرسان نحوهم. وَكَانَ عَمْرو بْن [عَبْد] ود قد أثبتته الْجراح يَوْم بدر، فَلم يشْهد أحدا وَأَرَادَ يَوْم الخَنْدَق أَن يرى مَكَانَهُ. فَلَمَّا وقف هُوَ وخيله نَادَى: [هَل] من مبارز؟ فبرز لَهُ عَليّ بْن أبي طَالب رَضِي اللَّه عَنهُ، وَقَالَ لَهُ: يَا عَمْرو إِنَّك عَاهَدت الله فِيمَا بلغنَا عَنْك أَنَّك لَا تدعى إِلَى إِحْدَى خلتين إِلَّا أخذت إِحْدَاهمَا، قَالَ: نعم، وَقَالَ: إِنِّي أَدْعُوك لله عز وَجل وَالْإِسْلَام، قَالَ: لَا حَاجَة لي بذلك. قَالَ: وأدعوك إِلَى البرَاز، قَالَ: يَا بْن أخي وَالله مَا أحب أَن أَقْتلك لما