أَقْدَامهم نقبت1 فَكَانُوا يلفون عَلَيْهَا الْخرق. وَقيل: بل قيل لَهَا ذَات الرّقاع لأَنهم رقعوا راياتهم فِيهَا. وَيُقَال: ذَات الرّقاع شَجَرَة بذلك الْموضع تدعى ذَات الرّقاع. وَقيل: بل الْجَبَل الَّذِي نزلُوا عَلَيْهِ كَانَت أرضه ذَات ألوان من حمرَة وصفرة وَسَوَاد، فسموا غزوتهم تِلْكَ ذَات الرّقاع. وَالله أعلم.
وَلَقي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم جمعان من غطفان، فتوقفوا، إِلَّا أَنَّهُ لم يكن بَينهم قتال. وَصلى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ صَلَاة2 الْخَوْف يَوْم ذَات الرّقاع. وَفِي انصرافهم من تِلْكَ الْغَزْوَة أَبْطَأَ جمل جَابر بْن عَبْد اللَّهِ، فنخسه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فَانْطَلق مُتَقَدما بَين الركاب ثمَّ قَالَ لَهُ: "أَتَبِيعَنِيهِ؟ " فابتاعه مِنْهُ، وَقَالَ: "لَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة". فَلَمَّا وصل إِلَى الْمَدِينَة أعطَاهُ الثّمن، ووهب لَهُ الْجمل، لم يَأْخُذهُ مِنْهُ.
وَفِي هَذِه الْغَزْوَة أَتَى رجل3 من بني محَارب بْن خصفة ليفتك برَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشرط ذَلِك لِقَوْمِهِ، وَأخذ سيف رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْلَتَهُ4 بعد أَن استأذنه فِي أَن ينظر إِلَى السَّيْف، فَلَمَّا أَصْلَتَهُ هَمَّ بِهِ، فَصَرفهُ اللَّه عَنهُ، ولحقه بُهْتٌ، فَقَالَ: من يمنعك مني يَا مُحَمَّد؟ قَالَ: "اللَّه" فَرُدَّ السَّيْف فِي غمده، فَقيل: فِيهِ نزلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يبسطوا إِلَيْكُم ... } الْآيَة. وَقيل نزلت هَذِه الْآيَة فِيمَا أَرَادَ بَنو النَّضِير أَن يَفْعَلُوا بِهِ من رمى الْحجر عَلَيْهِ وَهُوَ جَالس إِلَى حَائِط حصنهمْ.