سعد بْن شَهِيد، فنذرت إِنِ اللَّه أمكنها من رَأس عَاصِم لتشربن فِي قحفه1 الْخمر. فرامت بَنو هُذَيْل أَخذ رَأسه ليبيعوه من سلافة، فَأرْسل اللَّه عز وَجل دونه الدَّبْرَ2 فَحَمَتْهُ، فَقَالُوا إِن الدَّبْرَ سيذهب فِي اللَّيْل، فَإِذا جَاءَ اللَّيْل أخذناه. فَلَمَّا جَاءَ اللَّيْل أرسل اللَّه عز وَجل سيلا لم ير مثله، فَحَمله، وَلم يصلوا إِلَى جثته وَلَا إِلَى رَأسه. وَكَانَ قد نذر أَن يمس مُشْركًا أبدا. فأبر اللَّه عز وَجل قسمه، وَلم يروه، وَلَا وصلوا إِلَى شَيْء مِنْهُ، وَلَا عرفُوا لَهُ مسْقطًا. وَأما زيد بْن الدثنة وخبيب بْن عدي وَعبد اللَّه بْن طَارق فأعطوا بِأَيْدِيهِم3، فأسروهم وَخَرجُوا بهم إِلَى مَكَّة. فَلَمَّا صَارُوا بمر4 الظهْرَان انتزع عَبْد اللَّهِ بْن طَارق يَده من الْقرَان5، ثمَّ أَخذ سَيْفه، واستأخر عَنهُ الْقَوْم، ورموه بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ، فقبره بمر الظهْرَان.
وحملوا خبيب بْن عدي وَزيد بْن الدثنة فباعوهما بِمَكَّة. وَقد ذكرنَا خبر خبيب وَمَا لَقِي بِمَكَّة عِنْد ذكر اسْمه فِي كتاب الصَّحَابَة6، وصلب خبيب -رَحمَه اللَّه- بِالتَّنْعِيمِ7، وَهُوَ الْقَائِل حِين قدم ليصلب:
وَلست أُبَالِي حِين أقتل مُسلما ... على أَي جنب كَانَ فِي اللَّه مصرعي8
وَذَلِكَ فِي ذَات الْإِلَه وَإِن يَشَأْ ... يُبَارك على أوصال شلو ممزع9
فِي أَبْيَات قد ذكرتها عِنْد ذكره فِي كتاب الصَّحَابَة. وَهُوَ أول من سنّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْد الْقَتْل. وَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان10 بْن حَرْب: أَيَسُرُّكَ يَا خبيب أَن مُحَمَّدًا عندنَا بِمَكَّة