فَأَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بعد قدومه من بحران جُمَادَى الْآخِرَة ورجبا وَشَعْبَان ورمضان، فغزته كفار قُرَيْش فِي شَوَّال2 سنة ثَلَاث، وَقد استمدوا بحلفائهم والأحابيش3 من بني كنَانَة. وَخَرجُوا بنسائهم لِئَلَّا يَفروا عَنْهُن. وقصدوا الْمَدِينَة، فنزلوا قرب أحد على جبل على شَفير الْوَادي بقناة مُقَابل الْمَدِينَة.
فَرَأى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامه أَن فِي سَيْفه ثلمة وَأَن بقرًا لَهُ تذبح وَأَنه أَدخل يَده فِي درع حَصِينَة4. فتأولها أَن نَفرا من أَصْحَابه يقتلُون وَأَن رجلا من أهل بَيته يصاب وَأَن الدرْع الحصينة الْمَدِينَة. فَأَشَارَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أَصْحَابه أَن لَا يخرجُوا إِلَيْهِم وَأَن يتحصنوا بِالْمَدِينَةِ فَإِن قربوا مِنْهَا قاتلوهم على أَفْوَاه الْأَزِقَّة. وَوَافَقَ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هَذَا الرَّأْي عَبْدُ اللَّهِ بْن أبي بْن سلول، وأبى أَكثر الْأَنْصَار إِلَّا الْخُرُوج إِلَيْهِم ليكرم اللَّه من شَاءَ مِنْهُم بِالشَّهَادَةِ. فَلَمَّا رأى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عزيمتهم دخل بَيته، فَلبس لأمته5، وَخرج،