من نزول القرآن، فقال: {أَلَمْ يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} الآية» (?). روى مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود رضي اللهُ عنه أنه قال: «ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا اللَّه بهذه الآية: {أَلَمْ يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}، إلا أربعُ سنين» (?).
فإذا كان اللَّه قد حذر الصحابة، وهم خير القرون وأهل قيام الليل وصيام النهار والجهاد في سبيل اللَّه، والوحي ينزل عليهم ليلاً ونهارًا، فكيف بنا نحن في هذا الزمن الذي تعلَّق فيه الكثير منا بالدنيا وانتشرت الفتن، وأصبح الواحد منا يعيش غربة الدين!
لقد نهى اللَّه المؤمنين أن يتشبهوا بالذين حملوا الكتاب قبلهم من اليهود والنصارى، لما تطاول عليهم الأمد بدَّلوا كتاب اللَّه الذي بأيديهم، واشتروا به ثمنًا قليلًا، ونبذوه وراء ظهورهم، وأقبلوا على الآراء المختلفة والأقوال المؤتفكة، وقلَّدوا الرجال في دين اللَّه، واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون اللَّه، فعند ذلك: قست قلوبهم فلا يقبلون موعظة، ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد (?).
وذكر أهل التفسير: أن سبب توبة الفضيل بن عياض - وكان من قطاع الطريق - أنه عشق جارية فواعدته ليلًا، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئًا يقرأ: {أَلَمْ يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}؛ فرجع القهقهرى وهو يقول: بلى واللَّه قد آن! فآواه