قال الطبري رحمه الله: «إن اللَّه عمَّ بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض بجميع معاني السخرية، فلا يحل لمؤمن أن يسخر من مؤمن لا لفقره ولا لذنب ركبه ولا لغير ذلك» (?)؛ وقال أيضًا في قوله تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}: «أولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن اللَّه تعالى ذكره نهى المؤمنين أن يتنابزوا بالألقاب، والتنابز بالألقاب: هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو صفة، وعمَّ اللَّه بنهيه ذلك ولم يخصص به بعض الألقاب دون بعض، فغير جائز لأحد من المسلمين: أن ينبز أخاه باسم يكرهه أو صفة يكرهها» (?).
روى أبو داود في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: حسبك من صفية كذا وكذا - قال غير مسدد: تعني قصيرة - فقال: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ» قالت: وحكيت له إنسانًا فقال: «مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إِنْسَانًا، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا» (?).
وروى البخاري في صحيحه من حديث المَعرُور قال: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني سابَبتُ رجلاً فعيَّرته بأمِّه، فقال لي النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ،