وروى مسلم في صحيحه من حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ، لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}» (?).

قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ}.

أي ألجأ وألوذ وأعتصم برب الفلق، أي الإصباح، ويجوز أن يكون أعم من ذلك؛ لأن الفلق كل ما يفلقه الله تعالى من الإصباح والنوى والحب، كما قال تعالى: {إِنَّ اللهَ فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95]، وقال تعالى: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} [الأنعام: 96].

قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}.

أي: من شر جميع المخلوقات، حتى من شر النفس؛ لأن النفس أمارة بالسوء وفي الحديث: ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن شر ما خلق يشمل شياطين الإنس والجن، والهوام، وغير ذلك.

قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}:

الغاسق، قيل إنه الليل، وقيل إنه القمر، والصحيح أنه عام لهذا وهذا، أما كونه الليل فلأن الله تعالى قال: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78].

والليل تكثر فيه الهوام والوحوش؛ فلذلك استعاذ من شر الغاسق أي الليل، وأما القمر فقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه من حديث عائشة: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ فَقَالَ: «اسْتَعِيذِي بِاللهِ مِنْ شَرِّ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْغَاسِقُ» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015