ومنهم قوم أعطاهم الله من واسع فضله فلم يشكروا؛ بل طغوا واستكبروا، قال الله في هؤلاء: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].
ومنهم المؤمنون الذين عرفوا قدر ربهم، وأيقنوا أنه لا سعادة ولا فلاح في الدنيا والآخرة إلا منه.
قال تعالى مثنيًا عليهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مبينًا لأمته فضل الدعاء: «لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنَ الدُّعَاءِ» (?)، وَقَالَ أَيضًا: «لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ» (?).
وروى الترمذي في سننه من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ» (?).
فبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله عز وجل يحب من عباده كثرة الدعاء والإِلحاح فيه، قال الشاعر:
لاَ تَسْأَلَنَّ بُنَيَّ آدَمَ حَاجَةً ... وَسَلِ الَّذِي أَبوَابُه لاَ تُحْجَبُ
اللهُ يَغْضَبُ إِن تَرَكْتَ سُؤَالَهُ ... وَبُنَيَّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
وهذا شاعر جاهلي يقول في معلقته:
وَاللهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكُ ... عَلاَّمُ مَا أَخْفَتِ الْقُلُوبُ