مسعود أنه قال: لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ هُوَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]» (?).

فهذا النوع من الظلم لا يغفر الله لصاحبه إذا مات عليه، بل هو ملعون مطرود من رحمة الله في كتاب الله، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18].

القسم الثاني: ظلم بين العبد وبين الناس، وله صور كثيرة منها: أكل أموال الناس بالباطل ظلمًا وعدوانًا، مثل أكل مال اليتيم، أو عدم إعطاء العمال رواتبهم، أو بخسها، أو السرقة، أو الغش، أو الربا، وغير ذلك، قال تعالى: {وَلاَ تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ} [البقرة: 188].

روى مسلم في صحيحه من حديث جابر - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (?).

ومنها الاعتداء على أراضي المسلمين، روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» (?).

ومعنى طوقه: أي يجعل طوقًا في عنقه، يحمله، لا من أرض واحدة، بل من السبع الأرضين، نسأل الله العافية.

ومنها ظلم الناس بالقتل والسجن والضرب والشتم والتعذيب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015