الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فمن سور القرآن العظيم التي تتكرر على أسماعنا، وتحتاج منا إلى تأمل وتدبر، سورة الماعون، قال تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ اليَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ} [الماعون: 1 - 7].
قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} أي: أرأيت يا محمد الذي لا يصدق بالجزاء وما فيه من ثواب وعقاب، وقيل: إنه عام لكل من يتوجه إليه الخطاب، وهؤلاء هم الذين ينكرون البعث، {وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [الواقعة: 47]، ويقول القائل منهم: {قَالَ مَنْ يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78].
قوله تعالى: {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ اليَتِيمَ} أي الذي يقهر اليتيم، ويظلمه حقه، ولا يطعمه، ولا يحسن إليه، واليتيم هو الذي مات أبوه، وهو دون سن البلوغ، ذكرًا كان أو أنثى.
قوله تعالى: {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ} أي لا يأمر به من أجل بخله، أو تكذيبه بالجزاء، كما في قوله تعالى: {كَلاَّ بَل لاَ تُكْرِمُونَ