الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن من أعظم نعم الله على عباده بعد نعمة الإيمان والإسلام، نعمة العافية، قال تعالى عن نبي الله هود عليه السلام وهو يخاطب قومه: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا ... إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} ... [هود: 52].
روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نِعْمَتَانِ مَغْبُوْنٌ فِيْهِمَا كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» (?).
والغبن أن يشتري الإنسان السلعة بأكثر من ثمنها، فمن صح بدنه وتفرغ من الأشغال العالقة به، ولم يسع لإصلاح آخرته يقال عنه: رجل مغبون.
روى الترمذي في سننه من حديث عبيد الله بن محصن الخطمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» (?).
قوله: «آمِنًا فِي سِرْبِهِ»، أي: آمنًا على نفسه وأهله وعياله وماله.