الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد:
فلقد ذم الله أقوامًا طالت آمالهم فألهتهم عن العمل للدار الآخرة، ففاجأهم الأجل وهم غافلون، فهم يتمنون أن لو مُدَّ لهم فيه ليستدركوا ما فات؛ ولكن هيهات هيهات.
قال الله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَاكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 2 - 3].
وطول الأمل: هو الاستمرار في الحرص على الدنيا ومداومة الانكباب عليها، مع كثرة الإِعراض عن الآخرة (?).
ولقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن كثيرًا من الناس طالت آمالهم حتى جاوزت آجالهم.
فعن بريدة - رضي الله عنه - قال: خَطَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطُوطًا فَقَالَ: «هَذَا الأَمَلُ، وَهَذَا أَجَلُهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُ الْخَطُّ الأَقْرَبُ» (?) يعني الأجل.
وإن من عجيب أمر ابن آدم أنه كلما اقترب من أجله طال أمله، وزادت رغبته في الدنيا وحرصه عليها، ولا يسلم من هذا إلا من سلمه الله، وهم قليل.