ويظهروا الخبيث من الطيب، والحلال من الحرام، والعقائد الصحيحة من العقائد الفاسدة ليهتدي المهتدون، ويرجع الضالون، وتقوم الحجة على المعاندين، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)} [آل عمران].
فمن عمل بما سبق من بيان الحق وتمييزه من الباطل وإقامة الحجة على الخلق، فهو من خلفاء الرسل، وهداة الأمم، ومن لبس الحق بالباطل فلم يميز هذا من هذا مع علمه بذلك، وكتم الحق الذي يعلمه وأُمر بإظهاره، فهو من دعاة جهنم، لأن الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم، فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين» (?).
فإن قيل: ما الفرق بين هاتين الصفتين المذمومتين اللتين اتصف بها اليهود وقد نهانا الله عنهما، وهما لبس الحق بالباطل، وكتمان الحق، فيقال: إن الناس منهم العالم والجاهل، واليهود لعنهم الله يسعون لإضلال هؤلاء وهؤلاء، فمن وجدوا لديه علمًا لا يقدرون على كتمانه عنه، اجتهدوا في إضلاله بالتلبيس عليه، إما بإظهار الحق في صورة الباطل، والباطل في صورة الحق .. أو غير ذلك من صور المكر والدهاء، ومن وجدوه جاهلًا كتموا عنه الحق وحالوا بينه وبين الوصول إليه، إما بمنعه من الاتصال بأهل العلم، أو إخفاء كتب الحق عنه.
والمقصود الأعظم من ذكر هذه الصفات تحذير أمة الإسلام