الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيْمَ أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيْمَ أَبْلاَهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ فِيْمَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيْمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيْهِ؟ » (?).
فيُسأَلُ عن عمره على وجه العموم، وعن شبابه على وجه الخصوص؛ لأن الشباب هو محور القوة والنشاط، وعليه الاعتماد في العمل أكثر من غيره في مراحل العمر الأخرى.
والزمن من أفضل نعم الله على عباده، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «نِعْمَتَانِ مَغْبُوْنٌ فِيْهِمَا كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» (?) والغبن أن يشتري الإِنسان السلعة بأضعاف ثمنها، فمن صلح بدنه وتفرغ من الأشغال العالقة به، ولم يسع لإِصلاح آخرته، يقال عنه: إنه رجل مغبون، وفي الحديث إشارة إلى أن الزمن نعمة كبرى لا يستفيد منها إلا الموفقون الأفذاذ، وأن المستفيد قليل والكثير مفرط ومغبون.
روى الحاكم في المستدرك من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا: وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَشَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ» (?).
ومن تأمل أحوال السلف، ومن سار على نهجهم، وجدهم أحرص الناس على كسب الوقت وملئه بالخير، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ - رضي الله عنه -: مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ نَدَمِي عَلَى يَوْمٍ غَرَبَتْ شَمْسُهُ، نَقُصَ فِيْهِ أَجَلِيْ، وَلَمْ يَزِدْ فِيْهِ عَمَلِي.