وإن مما يرى من مشاهد التبرج والسفور في المسجد الحرام، لهو شبيه بما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فارق بينهما من جهة القصد، فالمشركون كانوا يطوفون بالبيت عراة يقولون: لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها، فهم بذلك يقصدون تعظيم الله، فلم ينفعهم ذلك القصد الحسن لأن عملهم مبتدع غير مشروع؛ أما المتبرجات اللاتي يشاهدن عند بيت الله الحرام، وفي مناسك الحج والعمرة، فقد انعدم لديهن الأمران جميعًا، وهما حسن القصد، وصحة العمل، فإلى الله المشتكى، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومن شعائر الله العظيمة ومناسك عبادته: الصفا والمروة التي شرع الله السعي بينهما، وجعله ركنًا لا يتم الحج إلا به، قال تعالى: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيم} [البقرة: 158].
وإن من تعظيم شعائر الله تعالى: أداء المناسك على الوجه الموافق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم من طواف بالبيت، وسعي بين الصفا والمروة، ووقوف بعرفة في يوم عرفة مع عموم المسلمين، ومبيت بمزدلفة والصدح بذكر الله، وتوحيده عند المشعر الحرام، ورمي الجمار اقتداءً بإمام الموحِّدين إبراهيم عليه السلام، وبخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم في غير غلو، ولا تفريط. وقد كان صلى الله عليه وسلم يؤكد ويكرر في حجته التي حجها عند كل منسك الاقتداء به والاتيان بما يفعله، فيقول: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم، فَلَعَلِّي لَا أَلقَاكُم بَعْدَ عَامِي هَذَا» (?).