الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
فإن من أعظم الذنوب عند الله تعالى بعد الشرك به سبحانه: شهادة الزور، ففيها مفسدة للدين، والدنيا، وللفرد والمجتمع، وكذب، وبهتان، وأكل للمال بالباطل، وسبب لانتهاك الأعراض، وإزهاق النفوس. قال القرطبي: «شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ليتوصل بها إلى الباطل من إتلاف نفس، أو أخذ مال، أو تحليل حرام، أو تحريم حلال» (?).
وقد جاء التحذير الشديد من شهادة الزور، فقال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور} [الحج: 30]. كما جاء المدح لمجتنبيها، فقال تعالى في صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72].
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ » قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ