أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ! اسْمَعُوا وَاعْقِلُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عز وجل عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللهِ». فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَعْرَابِ مِنْ قَاصِيَةِ النَّاسِ، وَأَلْوَى بِيَدِهِ إِلَى نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، نَاسٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى مَجَالِسِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ اللهِ؟ ! انْعَتْهُمْ لَنَا - يَعْنِي: صِفْهُمْ لَنَا - فَسُرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِسُؤَالِ الأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هُمْ نَاسٌ مِنْ أَفْنَاءِ النَّاسِ وَنَوَازِعِ الْقَبَائِلِ، لَمْ تَصِلْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ مُتَقَارِبَةٌ، تَحَابُّوا فِي اللهِ وَتَصَافَوْا، يَضَعُ اللهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، فَيُجْلِسُهُمْ عَلَيْهَا، فَيَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ نُورًا، وَثِيَابَهُمْ نُورًا، يَفْزَعُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يَفْزَعُونَ؛ وَهُمْ أَوْلِيَاءُ اللهِ الَّذِينَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» (?).
والخامس: رجل دعته امرأة إلى نفسها، وليست كأي امرأة، بل هي امرأة لها مكانة ومنزلة رفيعة، وقد أعطاها الله من الجمال ما يجعل الفتنة بها أشد، والتعلق بها أعظم، فيا الله كيف ينجو من وقع في مثل ذلك الموقف، إلا بإيمان عميق وبصيرة نافذة؟ !
قال القاضي عياض: «وخص ذات المنصب والجمال لكثرة الرغبة فيها، وعسر حصولها، وهي جامعة للمنصب والجمال، لا سيما وهي داعية إلى نفسها طالبة لذلك، قد أغنت عن مشاق التوصل إلى مراودة ونحوها، فالصبر عنها لخوف الله تعالى، وقد دعت إلى نفسها مع جمعها المنصب