لسانه غير محقق نصر حق، ولا إنكار باطل، وهذا هو الأغلب في الناس. والثاني: أن يتكلم ناصرًا لما وقع في نفسه أنه حق، ودافعًا لما توهم أنه باطلٌ، غير محقق لطلب الحقيقة، لكن لجاجًا فيما التزم، وهذا كثيرٌ وهو دون الأول. والثالث: واضع الكلام في موضعه، وهذا أعز من الكبريت الأحمر (?).

ثانيًا: أنه ورد الترغيب من السلف الصالح في ترك ما لا يعني، وورد بذلك حديث مرفوع إلى النبي صلى اللهُ عليه وسلم ضعَّفه بعض أهل العلم، وحسَّنه بعضهم: «إِنَّ مِن حُسنِ إِسلَامِ المَرءِ تَركَهُ مَا لَا يَعنِيهِ» (?).

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ تَرجُمَانُ القُرآنِ: لَا تَكَلَّمَنَّ فِيمَا لَا يَعنِيكَ، حَتَّى تَرَى لَهُ مَوضِعًا. وَقَالَ أَبُو سُلَيمَانَ الدَّارَانِيُّ: مَنِ اشتَغَلَ بِنَفسِهِ شُغِلَ عَنِ النَّاسِ.

وَقَالَ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ: مَن عَدَّ كَلَامَهُ مِن عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعنِيهِ، قَالَ ابنُ رَجَبٍ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَا يَعُدُّ كَلَامَهُ مِن عَمَلِهِ فَيُجَازِفَ وَلَا يَتَحَرَّى، وَقَد خَفِيَ هَذَا عَلَى مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ حَتَّى سَأَلَ عَنهُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: أَنُؤَاخَذُ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ قَالَ: «ثَكِلَتكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِم فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِم؟ ! » (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015