قال ابن حجر: «والغيبة قد توجد في بعض صور النميمة، وهو أن يذكره في غيبته بما فيه مما يسؤوه قاصدًا بذلك الإفساد، فيحتمل أن تكون قصة الذي كان يعذب في قبره كذلك، ويحتمل أن يكون أشار إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ الغيبة صريحًا كما في الحديث السابق، والظاهر اتحاد القصة ويحتمل التعدد» (?).
والمغتابون يعذبون يوم القيامة، روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَاكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ» (?).
وهذه الغيبة التي يتساهل بها كثير من الناس حتى أصبحت فاكهة المجالس هي عند الله عظيمة، قَالَ تَعَالَى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيم (15)} [النور: 15].
روى أبو داود والترمذي في سننهما مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها قَالَتْ: «قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ غَيْرُ مُسَدَّدٍ: تَعْنِي قَصِيرَةً؛ فَقَالَ: لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ، قَالَتْ: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا، فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ