لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78 - 79].
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» (?).
كان الحسن - رضي الله عنه - إذا نهى عن شيء لا يأتيه أصلاً، وإذا أمر بشيء كان شديد الأخذ به، وهكذا تكون الحكمة.
قال أبو الأسود الدؤلي:
لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَاتِيَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
وَابْدَأ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا ... فَإِذَا انْتَهَت عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فهُناك يُقْبَلُ إِنْ وَعَظْتَ وَيُقتَدَى ... بِالْعِلْمِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
قال ابن حزم: والمراد أن أبا الأسود إنما قصد بالإِنكار المجيء بما نهى عنه المرء، وأنه يتضاعف قبحه فيه مع نهيه عنه، فقد أحسن كما قال تعالى: {أَتَامُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44] وقد صحّ عن الحسن أنه سمع إنسانًا يقول: لا يجب أن ينهى عن الشر إلا من لا يفعله. قال الحسن: «ود إبليس لو ظفر منا بهذه حتى لا ينهى أحد عن منكر ولا يأمر بمعروف. قال ابن حزم: صدق الحسن وهو قولنا آنفًا» (?).
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.