أن أبا بكر كان يستأذن أسامة بن زيد أن يُبقي عمر عنده في المدينة فيأذن أسامة في ذلك، وعلي بن أبي طالب الذي بات في فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما هاجر إلى المدينة وعرَّض نفسه للقتل، فداء للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وجعفر بن أبي طالب الذي كان قائدًا لجيش المسلمين في معركة مؤتة الشهيرة خلفًا للقائد زيد بن حارثة - رضي الله عنه - الذي قُتِلَ في تلك المعركة، فحمل راية المسلمين وأخذ سيفه وهو يقول:
يَا حَبَّذَا الجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا ... طَيِّبَةٌ وَبَارِدٌ شَرَابُهَا
وَالرُّومُ رُومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا ... عَلَيَّ إِنْ لاَقَيْتُهَا ضِرَابُهَا
فقطعوا يده اليمنى، فأَمسك الراية بيده اليسرى، فقطعوا يده اليسرى، فضم الراية إلى صدره، فتكاثروا عليه فقتلوه.
يَقُولُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: الْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي الْقَتْلَى، فَإِذَا هُوَ قَد ضُرِبَ بِضْعًا وَتِسْعِينَ ضَرْبَةً مَا بَينَ ضَربَةٍ بِسَيفٍ وَطَعْنَةٍ بِرُمحٍ (?).
قال تعالى: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23].
ومن الأمثلة كذلك: محمد بن القاسم الذي فتح بلاد السند والهند وعمره لم يتجاوز السابعة عشر، كما تروي لنا كتب السير، قال الشاعر:
عُبَّادُ لَيْلٍ إِذَا جَنَّ الظَّلاَمُ بِهِم ... كَمْ عَابِدٍ دَمْعُهُ فِي الْخَدِّ أَجْرَاهُ
وأُسْدُ غَابٍ إِذَا نَادَى الْجِهَادُ بِهِم ... هَبُّوا إِلَى المَوْتِ يَسْتَجْدُونَ رُؤْيَاهُ
يَا رَبِّ فَابْعَثْ لَنَا مِن مِثْلِهِمْ نَفَرًا ... يُشِيِّدُونَ لَنَا مَجْدًا أَضَعْنَاهُ