وقال تعالى: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17].

روى مسلم في صحيحه من حديث المقداد بن الأسود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ؛ فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا» (?).

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ» (?).

ولا يتسع الوقت للحديث عن السبعة، ولكن نقف وقفات يسيرة مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: «شَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ».

فهذا الشاب وفقه الله منذ نشأ للأعمال الصالحة، وحببها إليه وكره إليه الأعمال السيئة وأعانه على تركها، إما بسبب تربية صالحة، أو رفقة طيبة، أو غير ذلك؛ وقد حفظه الله مما نشأ عليه كثير من الشباب من اللهو واللعب، وإضاعة الصلوات والانهماك في الشهوات والملذات، وقد أثنى الله على هذا النشء المبارك بقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13].

ولما كان الشباب داعيًا قويًا للشهوات، كان من أعجب الأمور الشاب الذي يلزم نفسه بالطاعة والاجتهاد فيها، واستحق بذلك أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015