القسم الثاني: الإعراض عن الذكر بسبب الاستغناء بما عنده، وفي الحقيقة أن هذا المسكين ليس عنده شيء من العلم وهذا من الغرور، وعلماء السلف رحمهم اللَّه مع ما تلقوا من العلم الغزير إلا أن الواحد منهم كان إلى آخر لحظة من حياته يتمنى أن يسمع حديثاً يلقى اللَّه تعالى وقد علمه وعمل به.
القسم الثالث: الإعراض لعدم معرفة أهمية ما يُلقى إليه مع أن العلم الشرعي هو غذاء القلوب، قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: حاجة الناس إلى العلم الشرعي أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب: روى مسلم في صحيحه من حديث عقبة بن عامر قال: خَرَجَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ، أَوِ الْعَقِيقِ (?) فَيَاتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ (?) فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطِيعَةِ رَحِمٍ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كُلُّنَا نُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: «فَلَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعَلَمَ، أَوْ يَقْرَأَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِثْلِ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإِبِلِ» (?).
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي الدرداء أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ