وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مر بالسوق والناس عن جانبيه، فمر بجدي أسك - أي صغير الأذن - فقال: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ » فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟ » قَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ ! فَقَالَ: «فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ» (?).
وروى مسلم في صحيحه من حديث مُسْتَوْرِدٍ أَخَي بَنِي فِهْرٍ رضي اللهُ عنه: أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ - وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ - فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ؟ ! » (?).
قال أبو العتاهية وهو يصف الدنيا:
إَذَا أَبْقَتِ الدُنْيَا عَلَى المرءِ دِينَهُ ... فَمَا فَاتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ بِضَائِرِ
إِذَا كُنْتَ بالدُّنْيَا بَصِيراً فإِنَّمَا ... بلاغُك مِنْهَا مِثْلُ زَادِ المُسَافِرِ
وإِنَّ امرَءاً يَبْتَاعُ دُنْيَا بدِينِهِ ... لَمُنْقَلِبٌ مِنْهَا بِصَفْقَةِ خَاسِرِ
أَلَمْ تَرَهَا تُرْقِيِه حَتَّى إِذَا سَمَا ... فَرَت حَلْقَهُ مِنهَا بُمدية (?) جازِرِ
ولاَ تَعْدِلُ الدَّنِيا جنَاحَ بَعُوضَةٍ ... لَدَى اللَّهِ أو مِعْشَارَ زَغْبَة (?) طَائِرِ
والحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.