فِي أَرض مقري جعل بهَا خطْبَة جمعية فَجعل فِيهَا جمال الدّين هَذَا خَطِيبًا فَكَانَ أول يَوْم خطب يَوْمًا مشهوداً حَضَره الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وَاسْتمرّ على ذَلِك يخْطب من إنشائه إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ محيي الدّين ابْن فضل الله رتبه فِي ديوَان الْإِنْشَاء كَاتب غيبَة الموقعين فَكَانَ يحضر بكرَة وَالْعصر فَيكْتب اسْم من يغيب وَيَأْخُذ من معلومه مَا يخبر كل يَوْم وأمل أَن يكون من جملَة كتاب الْإِنْشَاء فتحيلوا عَلَيْهِ حَتَّى بَطل ذَلِك بتوسلهم بالفخر عُثْمَان النصيبي الَّذِي كَانَ مسخرة عِنْد تنكز فَإِنَّهُ أضْحك تنكز لَيْلَة ثمَّ قَالَ لَهُ لي صبي لَو حضر معي لكمل شغلي فَأمر بإحضاره فَحَضَرَ جمال الدّين فِي الْحَال وَهُوَ لَا يعرف الصُّورَة بل ظن أَن الْفَخر أَرَادَ نَفعه فَجَلَسَ بِجَانِب الْفَخر فَأخذ الْفَخر يتمسخر وَينزل فِي قذال الْجمال ففهم المُرَاد فكاد ينشق غيظاً وفطن الأدباء لذَلِك فنظموا فِيهِ كثيرا حَتَّى جمع ذَلِك عمر ابْن الحسام وصيرها مقامة فمما نظموا فِي ذَلِك

(يُوسُف الشَّاعِر من جَهله ... يروم نقصا رُتْبَة الْفَاضِل)

(تطلب التوقيع فِي جلق ... فَجَاءَهُ التوقيع فِي السَّاحِل)

وَمن نظم الْجمال يُوسُف مضمناً

(سقيا لمرآة الحبيب فَإِنَّهَا ... أمست لطلعته السعيدة مطلعا)

(واستقبلت قمر السَّمَاء بوجهها ... فأرتني القمرين فِي وَقت مَعًا)

وَله وَكَانَ حسن الْغَزِّي يدعيهما

(ونوار خشخاش ثناها نزوره ... وَقد دهش الرَّائِي لحسن صفوفه)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015