وَابْن أبي الْيُسْر وَغَيرهم وَحدث وَولي الوزارة بعد ابْن السلعوس فِي أَوَائِل الدولة الناصرية فِي صفر سنة 693 وَكَانَ يتعاطى الفروسية ويتصيد بالجوارح ويحضر الْغَزَوَات وَكَانَ جواداً ممدحاً مدحه الشهَاب مَحْمُود والسراج الْوراق وَابْن دانيال قَالَ الشهَاب مَحْمُود كنت عِنْده فَدخل عَلَيْهِ شَاعِر فاستأذنه فِي إنشاد قصيدة فَأذن لَهُ فاستمعها إِلَى آخرهَا وَأخذ الورقة مِنْهُ فوضعها إِلَى جَانِبه وَلم يتَكَلَّم وَلَا أَشَارَ فَحَضَرَ خَادِم وَمَعَهُ صرة فِيهَا عشرَة دَنَانِير وتفصيلة فَدَفعهَا للشاعر فَأَخذهَا وَخرج وَقيل إِن أَحْوَاله دَائِما فِي بَيته كَانَت مرتبَة على هَذِه الصُّورَة لَا يحْتَاج أَن يَقُول شَيْئا بِحَضْرَة النَّاس بل يعْمل جَمِيع مَا يُرِيد على أتم مَا يُرِيد من غير أَن يتَكَلَّم أَو يُشِير حَتَّى قيل من الْمَأْكُول والمشروب والمشموم والفواكه والحلوى على أتم الجوه مَعَ كَونه لم يقم من مَكَانَهُ وَلَا تكلم وَلَا أَشَارَ بِيَدِهِ وَلَا طرفه وَلَا أسر إِلَى أحد شَيْئا وَلَا جهر بِهِ وَكَانَ لَهُ إِنْسَان مُرَتّب مَعَه حمام إِذا خرج من القلعة أطلقها إِلَى الدَّار فيرمون الططماج وَغير ذَلِك من الْأَشْيَاء الَّتِي يحْتَاج إِلَيْهَا سَاعَة يصل إِلَى منزله فيجد مَا يُرِيد على غَايَة الْكَمَال وَله نظم حسن جمع فِي ديوَان لطيف سَمعه ابْن شامة وَغَيره وَمن مقاصده الجملية أَنه بنى مكتباً بالقرافة وَشرط فِي كتاب وَقفه أَن أَلْوَاح الصّبيان إِذا غسلت يصب على قَبره وَهُوَ الَّذِي اشْترى الْآثَار النَّبَوِيَّة بمبلغ سِتِّينَ ألف دِرْهَم وَبنى لَهَا الْمَكَان الْمَنْسُوب إِلَيْهِ ووقف عَلَيْهَا الْبُسْتَان الْمَعْرُوف بالمعشوق وَغير ذَلِك وَعمر الْجَامِع بدير الطين وَقَالَ